2 - عقلة الإصبع
"يبدو أنك تصر على أن تكون المفاجأة من نصيبنا نحن يا "نور"!.."
نطق "أكرم" العبارة في تبرم، وهو يجلس إلى جوار "نور"، في سيارة هذا الأخير، فقالت
"سلوى"، من المقعد الخلفي:
- نداء الواجب، يجب أي نداء آخر.
"سلوى"، من المقعد الخلفي:
- نداء الواجب، يجب أي نداء آخر.
لوَّح "أكرم" بيده، قائلاً:
- أعلم هذا.. لقد حفظت هذه العبارة، عن ظهر قلب.
- أعلم هذا.. لقد حفظت هذه العبارة، عن ظهر قلب.
ابتسم "رمزي"، وضم إليه زوجته "نشوى"، وهو يقول:
- لا تجعلوا غضب "أكرم" الزائف هذا يخدعكم، فهو مخلص لعمله، ربما أكثر منا جميعاً،
ولكنه لا يقاوم إبداء تبرمه وحدته، حتى في لحظات فرحه.
- لا تجعلوا غضب "أكرم" الزائف هذا يخدعكم، فهو مخلص لعمله، ربما أكثر منا جميعاً،
ولكنه لا يقاوم إبداء تبرمه وحدته، حتى في لحظات فرحه.
ضحكت "سلوى" و"نشوى"، في حين تساءل "أكرم" في حنق:
- ولماذا أفعل هذا أيها العبقري؟!
- ولماذا أفعل هذا أيها العبقري؟!
أجابه "رمزي" في سرعة:
- مشكلة نفسية يا صديقي.. رغبة لا تقاوم، في إثبات التفرُّد والقوة.. محاولة
للتميُّز، و...
- مشكلة نفسية يا صديقي.. رغبة لا تقاوم، في إثبات التفرُّد والقوة.. محاولة
للتميُّز، و...
قاطعه "أكرم" في حدة:
- كفى.. قبل أن تعلن أنني معتوه، فاقد الأهلية.
- كفى.. قبل أن تعلن أنني معتوه، فاقد الأهلية.
هتف "رمزي":
- لا تقع في الخطأ نفسه، الذي يقع فيه العامة يا صديقي؛ فالفارق كبير بين المشكلات
النفسية، وحالات الجنون أو العته.
- لا تقع في الخطأ نفسه، الذي يقع فيه العامة يا صديقي؛ فالفارق كبير بين المشكلات
النفسية، وحالات الجنون أو العته.
لوَّح "أكرم" بيده في حدة، قائلاً:
- قلت: كفى.
- قلت: كفى.
ثم التفت إلى "نور"، مستطرداً:
- ما بالك صامت هكذا؟!.. لماذا لا تشاركنا هذا الحديث؟!
- ما بالك صامت هكذا؟!.. لماذا لا تشاركنا هذا الحديث؟!
أجابه "نور"، في حزم رصين:
- أي حديث؟!.. كل ما أفكر فيه الآن، هو ما أصاب الدكتور "صفوت".. كيف اختفى داخل
معمل مغلق، تحيط به حراسة مشددة؟!.. لقد فحص علماء مركز الأبحاث كل شبر من المعمل،
ولم يجدوا له أدنى أثر، بل ولم يجدوا حتى ما يفيد أن جسده قد تبخر، أو تلاشى.. لا
في الجدران، أو الأرضية، أو حتى في هواء المعمل.
- أي حديث؟!.. كل ما أفكر فيه الآن، هو ما أصاب الدكتور "صفوت".. كيف اختفى داخل
معمل مغلق، تحيط به حراسة مشددة؟!.. لقد فحص علماء مركز الأبحاث كل شبر من المعمل،
ولم يجدوا له أدنى أثر، بل ولم يجدوا حتى ما يفيد أن جسده قد تبخر، أو تلاشى.. لا
في الجدران، أو الأرضية، أو حتى في هواء المعمل.
غمغمت "سلوى":
- لا أحد يتلاشى، دون أن يترك خلفه أثراً ما يا "نور"، وهذا ليس رأياً شخصياً
إنسانياً، بل هو أيضاً مبدأ علمي، فالمادة عندما تتلاشى، تتحوَّل إلى طاقة، والطاقة
لا تفنى، ولا تستحدث من عدم.. لو أنه اختفى داخل معمله، فهناك حتماً ولو أثر
ضئيل للغاية، يشير إلى السبب.
- لا أحد يتلاشى، دون أن يترك خلفه أثراً ما يا "نور"، وهذا ليس رأياً شخصياً
إنسانياً، بل هو أيضاً مبدأ علمي، فالمادة عندما تتلاشى، تتحوَّل إلى طاقة، والطاقة
لا تفنى، ولا تستحدث من عدم.. لو أنه اختفى داخل معمله، فهناك حتماً ولو أثر
ضئيل للغاية، يشير إلى السبب.
هز "نور" رأسه نفياً، وقال:
- هذا ما تصوره الكل في البداية، وما استغرق منهم ليلة كاملة، في البحث والتمحيص،
دون أن يجدوا ذلك الأثر الضئيل.. وربما لهذا استعانوا بفريقنا.
- هذا ما تصوره الكل في البداية، وما استغرق منهم ليلة كاملة، في البحث والتمحيص،
دون أن يجدوا ذلك الأثر الضئيل.. وربما لهذا استعانوا بفريقنا.
غمغم "أكرم":
- لا أحد يلجأ إلينا، إلا عندما تتعقد الأمور.
- لا أحد يلجأ إلينا، إلا عندما تتعقد الأمور.
اندفعت "نشوى" فجأة، تقول:
- لاحظوا أن الدكتور "صفوت" كان يستخدم الأشعة النيوترونية، عندما اختفى داخل
معمله.
- لاحظوا أن الدكتور "صفوت" كان يستخدم الأشعة النيوترونية، عندما اختفى داخل
معمله.
تساءل "رمزي":
- وماذا في هذا؟!
- وماذا في هذا؟!
أجابته في حماس:
- أضف لهذا أنه يجري تجاربه، الخاصة بـ"المونوبول"، وهذا يضعنا أمام احتمال مدهش.
- أضف لهذا أنه يجري تجاربه، الخاصة بـ"المونوبول"، وهذا يضعنا أمام احتمال مدهش.
أوقف "نور" سيارته أمام منطقة المعامل، وهو يقول في حزم:
- ألا يكون قد تلاشى تماماً.
- ألا يكون قد تلاشى تماماً.
هتفت في حماس:
- بالضبط.
- بالضبط.
قال "أكرم" في عصبية:
- ما الذي يعنيه هذا بالضبط؟!
- ما الذي يعنيه هذا بالضبط؟!
أجابه "نور"، وهم يغادرون السيارة:
- "نشوى" تقصد، أنه من المحتمل حدوث خطأ ما في التجربة، أدى إلى انكماش حجم الدكتور
"صفوت"، فصار في حجم عقلة الإصبع.. وربما فقد الوعي أيضاً، وهذا ما جعلهم يعجزون عن
إيجاده.
- "نشوى" تقصد، أنه من المحتمل حدوث خطأ ما في التجربة، أدى إلى انكماش حجم الدكتور
"صفوت"، فصار في حجم عقلة الإصبع.. وربما فقد الوعي أيضاً، وهذا ما جعلهم يعجزون عن
إيجاده.
هزَّت "سلوى" رأسها نفياً، وقالت:
- هذا مستحيل، فوفقاً للتقرير الذي قدموه، بعد انتهاء البحث، تم وضع هذا الاحتمال
في الاعتبار، وبناءً عليه، فحصت الأرضية كلها أولا، بعدسات تكبير قوية، قبل إعلان
اختفاء الدكتور "صفوت"، رسمياً.
- هذا مستحيل، فوفقاً للتقرير الذي قدموه، بعد انتهاء البحث، تم وضع هذا الاحتمال
في الاعتبار، وبناءً عليه، فحصت الأرضية كلها أولا، بعدسات تكبير قوية، قبل إعلان
اختفاء الدكتور "صفوت"، رسمياً.
التقى حاجبا "نور"، وهو يغمغم:
- هذا يزيد الأمر غموضاً.
- هذا يزيد الأمر غموضاً.
كانت هذه نفس العبارة، التي استخدمها مدير المعامل العلمية، الدكتور "عز الدين"،
عندما استقبل أفراد الفريق في مكتبه، قبل أن يضغط أحد الأزرار أمامه، قائلاً:
- آلات المراقبة سجلت ما حدث، حتى لحظة الاختفاء، وعلى الرغم من هذا، فخبراؤنا لم
يكشفوا حل اللغز الغامض.
عندما استقبل أفراد الفريق في مكتبه، قبل أن يضغط أحد الأزرار أمامه، قائلاً:
- آلات المراقبة سجلت ما حدث، حتى لحظة الاختفاء، وعلى الرغم من هذا، فخبراؤنا لم
يكشفوا حل اللغز الغامض.
مع ضغطة الزر، اشتعلت شاشة كبيرة، أمام أفراد الفريق، وبدت عليها صورة الدكتور
"صفوت"، وهو يجري تجاربه، ويعدل اتجاه جهاز الأشعة الأيونية، ليوجهها نحو علبة من
علب المياه الغازية، وضعها فوق قرص معدني عاكس خاص..
"صفوت"، وهو يجري تجاربه، ويعدل اتجاه جهاز الأشعة الأيونية، ليوجهها نحو علبة من
علب المياه الغازية، وضعها فوق قرص معدني عاكس خاص..
وبمنتهى الانتباه، راقبه أفراد الفريق، وهو يواصل عمله، وغمغم "أكرم"، في شيء من
العصبية، لم يكن له ما يبرره:
- يبدو لي ما يفعله عادياً، على الرغم...
العصبية، لم يكن له ما يبرره:
- يبدو لي ما يفعله عادياً، على الرغم...
بتر عبارته دفعة واحدة، ولكن رفاقه أدركوا ما ينوي قوله، وما أراد أن يشير إليه، من
جهله بما يراه...
ولقد أدرك هو أنهم أدركوا، فانعقد حاجباه في توتر، وتراقصت أصابعه على مسدسه في
غمده، فقالت "سلوى" لتتدارك الأمر:
- من الواضح أنها تجربة جديدة؛ لأننى أجهل ما يفعله بالضبط.
جهله بما يراه...
ولقد أدرك هو أنهم أدركوا، فانعقد حاجباه في توتر، وتراقصت أصابعه على مسدسه في
غمده، فقالت "سلوى" لتتدارك الأمر:
- من الواضح أنها تجربة جديدة؛ لأننى أجهل ما يفعله بالضبط.
غمغم الدكتور "عز الدين":
- إنه يستعد لتصغير علبة المياه الغازية أمامه، باستخدام معادلات الأشعة الأيونية.
- إنه يستعد لتصغير علبة المياه الغازية أمامه، باستخدام معادلات الأشعة الأيونية.
تساءلت "نشوى":
- هذا موضوع الجائزة، أليس كذلك؟!
- هذا موضوع الجائزة، أليس كذلك؟!
أشار إليها الدكتور "عز الدين"، قائلاً:
- مهلاً.. تابعي ما سيحدث.
- مهلاً.. تابعي ما سيحدث.
كان الدكتور "صفوت" على الشاشة، يصوب جهاز الأشعة نحو علبة المياه الغازية، ثم يضغط
الزر..
وانطلقت الأشعة..
ومع انطلاقها، غمر الشاشة وهج رهيب..
وهج حجب الرؤية، وأغشى الأبصار كلها في شدة..
حتى إن "رمزي" أشاح بوجهه، هاتفاً:
- رباه!.. أي انفجار هذا؟!
الزر..
وانطلقت الأشعة..
ومع انطلاقها، غمر الشاشة وهج رهيب..
وهج حجب الرؤية، وأغشى الأبصار كلها في شدة..
حتى إن "رمزي" أشاح بوجهه، هاتفاً:
- رباه!.. أي انفجار هذا؟!
أجابه الدكتور "عز الدين" في توتر:
- ليس انفجاراً، ولكنه وهج جهاز الأشعة الأيونية، ولكن الخبراء يؤكِّدون أنه يفوق
الحد الأقصى لما اعتادوه من قبل.
- ليس انفجاراً، ولكنه وهج جهاز الأشعة الأيونية، ولكن الخبراء يؤكِّدون أنه يفوق
الحد الأقصى لما اعتادوه من قبل.
هتف "أكرم" في حماس:
- هنا يكمن السر إذن؟!
- هنا يكمن السر إذن؟!
أجابه الدكتور "عز الدين":
- بل يضيف لغزاً آخر للأسف؛ فقد فحص العلماء والخبراء جهاز الأشعة ثلاث مرات
متتالية، وتأكدوا، دون ذرة واحدة من الشك، من أنه يعمل على نحو طبيعي، ولا يوجد
أدنى سبب، لذلك الوهج الفائق.
- بل يضيف لغزاً آخر للأسف؛ فقد فحص العلماء والخبراء جهاز الأشعة ثلاث مرات
متتالية، وتأكدوا، دون ذرة واحدة من الشك، من أنه يعمل على نحو طبيعي، ولا يوجد
أدنى سبب، لذلك الوهج الفائق.
كان الوهج قد انقشع على الشاشة، وعاد المعمل يبدو واضحا..
دون أدنى أثر للدكتور "صفوت"..
دون أدنى أثر للدكتور "صفوت"..
وفي توتر ملحوظ، غمغم "نور":
- إذن فهناك وهج غير طبيعي، انتهى باختفاء مباغت غير مفهوم!
- إذن فهناك وهج غير طبيعي، انتهى باختفاء مباغت غير مفهوم!
غمغم الدكتور "عز الدين":
- بالضبط.
- بالضبط.
تبادل أفراد الفريق نظرة صامتة، قبل أن يقول "نور":
- مع احترامنا لكل ما فعله خبراؤكم، أظننا سنعيد فحص المكان... بأسلوبنا الخاص.
- مع احترامنا لكل ما فعله خبراؤكم، أظننا سنعيد فحص المكان... بأسلوبنا الخاص.
أجابه الدكتور "عز الدين":
- لقد توقعنا هذا، ووضعنا كل أجهزتنا رهن إشارتكم، بكل إمكانياتها.
- لقد توقعنا هذا، ووضعنا كل أجهزتنا رهن إشارتكم، بكل إمكانياتها.
هزَّ "نور" رأسه نفياً، وقال في حزم:
- معذرة يا دكتور "عز الدين"، ولكننا سنستخدم أجهزتنا.
- معذرة يا دكتور "عز الدين"، ولكننا سنستخدم أجهزتنا.
وصمت لحظة، قبل أن يضيف، في حزم أكثر:
- وأسلوبنا.
- وأسلوبنا.
لم يدرِ، وهو ينطق عبارته، أنه في اللحظة نفسها، كان الدكتور "صفوت" يواجه خطراً
رهيباً، في عالم آخر..
عالم لا يمكن أن يخطر ببالهم..
أبداً.
رهيباً، في عالم آخر..
عالم لا يمكن أن يخطر ببالهم..
أبداً.