الحلم المحمدى
-----------
-----------
إن الحلم _ وهو ضبط النفس حتى لا يظهر منها ما يٌكره ، قولا كان أو فعلا عند الغضب ، وما يثيره هيجانه من قول سيء او فعل غير محمود _ هذا الحلم كان فيه الحبيب صلي الله عليه و سلم مضرب المثل . و الأحداث التالية شواهد لحلمه صلي الله عليه و سلم ؛ وذلك لتربية الله تعالي له و إفاضته الكمالت علي روحه صلي الله عليه وسلم :
* لما شجت وجنتاه و كسرت رباعيته و دخل المغفر في رأسه صلي الله عليه وسلم يوم أحد قال : اللهم اغفر لقومى فإنهم لا يعلمون . فهذا منتهى الحلم و الصفح و العفو و الصبر منه صلي الله عليه و سلم .
* لما قال له ذو الحويصرة : اعدل ؛ فإن هذه القسمة ما أريد بها وجه الله ، حلم عليه وقال له : ويحك فمن يعدل إن لم أعدل ، و لم ينتقم منه و لم يأذن لأحد من أصحابه بذلك .
* لما جذبه الأعرابي بردائه جذبة شديدة حتى أثرت في صفحة عنقه صلي الله عليه وسلم و قال : احمل لي علي بعيريَ هذين من مال الله الذي عندك ، فإنك لا تحمل لي من مالك و مال أبيك . حلم عليه صلي الله عليه وسلم و لم يزد ان قال : المال مال الله و أنا عبده ، و يقاد منك يا أعرابي ما فعلت بي . فقال الأعرابي : لا ، فقال النبي صلي الله عليه و سلم : لم؟ قال : لأنك لا تكافئ السيئة بالسيئة ، فضحك النبي ثم أمر أن يحمل له علي بعير شعير و علي الاخر تمر . فأي حلم و أي كمال هذا يا عباد الله ؟؟
* لم يثبت أنه صلي الله عليه وسلم انتصر لنفسه من مظلمة ظٌلمها قط ، ولا ضرب خادما و لا امرأة قط . بهذا أخبرت عائشة رضي الله عنها فقالت : ما رأيت رسول الله منتصرا من مظلمة ظٌلمها قط ما لم تكن حرمة من محارم الله . و ما ضرب بيده شيئا قط إلا ان يجاهد في سبيل الله ، و ما ضرب خادما قط و لا امرأة .
* و جاءه زيد بن سعنة _ أحد أحبار اليهود بالمدينة _ جاءه يتقاضاه دينا له علي النبي صلي الله عليه وسلم فجذب ثوبه من منكبه و أخذ بمجامع ثيابه و قال مغلظا القول : إنكم يا بنى عبد المطلب مطل ، فانتهزه عمر وشدد له في القول ، و النبي صلي الله عليه وسلم يبتسم و قال صلي الله عليه وسلم :أنا و هو كنا إلي غير هذا أحوج منك يا عمر ؛ تأمرنى بحسن القضاء و تأمره بحسن التقاضي . ثم قال : لقد بقي من اجَله ثلاث . و أمر عمر أن يقضيه ماله و يزيده عشرين صاعا لما روّعه، فكان هذا سبب إسلامه فأسلم ، وكان قبل ذلك يقول : ما بقي من علامات النبوة شيء الا عرفته في محمد صلي الله عليه وسلم الا اثنتين لم أخبرهما : يسبق حلمه جهله و لا تزيده شدة الجهل الا حلما ، فاختبره بهذه الحادثة فوجده كما وصف .
هذه قطرة من بحر الحلم المحمدى تذهب ظمأ من أراد أن يتحلي بالحلم و يتجمل به .